سورة يس - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


الإشارة إلى حَمْلِ الخَلْقِ في سفينة السلامة في بحار التقدير عند تلاطم أمواجها بفنونٍ من التغيير والتأثير. فكَمْ من عبدٍ غرق في اشتغاله في ليلة ونهاره، لا يستريح لحظةً من كَدِّ أفعاله، ومقاساةِ التعب في أعماله، وجَمْع ماله.
فَجَرَّه ذلك إلى نسيان عاقبته ومآلِه، واستيلاء شُغْلِه بوَلَدِه وعيالِه على فِكْرِه وبالِه- وما سَعْيُه إلاَّ في وَبَالِه!
وكم من عِبْدٍ غرق في لُجَّةِ هواه، فجَرَّته مُناه إلى تَحمُّلِ بلواه، وخسيس من أمر مطلوبه ومُبْتَغَاه.. ثم لا يَصَلُ قط إلى منتهاه، خَسِرَ دنياه وعقباه، وبَقِيَ عن مولاه! ومن أمثال هذا وذالك ما لا يُحْصَى، وعلى عقلِ مَنْ فكَّرَ واعتبر لا يَخْفَى.
أمَّا إذا حفظ عبداً في سفينة العناية أفرده- سبحانه- بالتحرُّرِ من رِقِّ خسائس الأمور. وشَغَلَه بظاهره بالقيام بحقِّه، وأكرمه في سرائره بفراغ القلب مع ربَّه، ورقَّاه إلى ما قال: «أنا جليسُ مَنْ ذكرني».. وقُلْ في عُلُوِّ شأنِ مَنْ هذه صفته.. ولا حَرَجَ!


لولا جُودُه وفَضْلُه لحَلَّ بهم من البلاء ما حَلَّ بأمثالهم، لكنه بِحُسْنِ الأفضال، يحفظهم في جميع الأحوال.


هذه صفاتُ مَنْ سَيَّبَهم في أودية الخذلان، وَوَسَمهم بِسِمَةِ الحرمان، وأصَمَّهم عن سماع الرُّشْد، وصَدَّهم بالخذلان عن سلوكِ القصد، فلا تأتيهم آيةٌ في الزَّجْرِ إلا قابلوها بإعراضهم، وتجافوا عن الاعتبار بها على دوام انقباضهم، وإذا أُمِرُوا بالإنفاقِ والإطعام عارضوا بأنَّ الله رازقُ الأنام، وإن يَشَأْ نَظَرَ إليهم بالإنعام:

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12